منوعات

بيان صحفي صادر عن جمعية «نحنُ»، حول ندوة «الشط لكل الناس»

«ما عاد بدنا حدا يستثمر على البحر إلّا الدولة اللبنانية، وللمنفعة العامة»، بهذا الموقف افتتحت جمعيّة «نحن» ندوَتَها، اليوم السبت 11 حزيران، لإطلاق حملة مناصرة لتعديل قانون «تسوية التعديات على الأملاك العامة البحرية» 64/2017 .
الندوة التي دارت في فندق «راديسون بلو» في فردان، حملت عنوان «الشط لكل الناس»، وشارك فيها كل من النائب حليمة القعقور والمدير التنفيذي لجمعيّة «نحنُ» محمد أيّوب والباحثة دَيانا الحلواني.

سلّطت الندوة الضوء على القضم المستمرّ للأملاك العامة البحرية، وعلى نهج السلطة في تشريع هذه «التعدّيات التي اتّخذت صفة الاحتلال»، والتي تتخطّى مساحتها الـ5 مليون متر مربّع، بينها 2.5 مليون متر مربّع من التعدّيات المُشرَّعة.

سرد أيّوب تاريخ التعدّي على الأملاك العامة البحرية بموجَب مراسيم خالفت القانون اللبناني والدستور والمعاهدات الدولية التي وقّع عليها لبنان. وكانت رحلة التعدّي قد بدأت عام 1966 مع المرسوم 4810، وكرّت منذ ذلك الحين سبحة المراسيم الصادرة لتعديل مراسيم سابقة، تمهيداً للمزيد من التعدّيات، وصولاً إلى أفدح التعدّيات على الشاطئ اللبناني: منتجع الـ«إيدن باي» ومحيطه الذي قد يشهد تعدّيات جديدة في المستقبل لصالح سياسيّين ومستثمرين مقرّبين منهم.

ثمّ عرضت الحلواني دراسة «نحنُ» التي استندت على مصادر رسميّة وعلمية، بينها خرائط المساحة للمناطق العقارية وتقارير وزارة الأشغال وإفادات عقارية وصور جوية وزيارات ميدانية. وقد كان الوصول إلى هذه المعلومات مليئاً بالتحدّيات والصعوبات، لكن الجمعية نشرت الدراسة على موقعها الالكتروني لإتاحة هذه المعلومات للرأي العام.

وبالأرقام، فإنّ 50٪ من الساحل اللبناني ما عادَ «شاطئاً»، بل صار عبارة عن مساحة اسمنتيّة وكواسر مَوج، ويتوزّع الباقي بين مساحات رملية وصخرية وحصى وأرصفة شُعاب فيرمتيدية. ولا يمكن الوصول سوى لـ42٪ من الشاطئ بشكلٍ سهل. كما أنّ 73٪ من ملكية الشاطئ تعود لجهات خاصة، مقابل 10٪ فقط من الملكية العامة. كما تصل المساحة الإجمالية للتعديات إلى 6.1 مليون متر مربع، بعضها غير قابل للاسترداد. من هنا تأتي أهمية حماية ما بقي من الشاطئ، بمساحةٍ نسبتها 20٪ منه.

من جهتها، ثمّنت النائب حليمة القعقور جهود الحملة وأهميّة النضال للحفاظ على الشاطئ العام، وأهمية استناد الحجج إلى الدراسات العلميّة والبحث الميداني. واعتبرت البحر وشاطئه كجزءٍ من الرفاه الاجتماعي للمواطن، وجزء من صحّته النفسية والذهنية.

انتقدت القعقور نشر الدولة منشآتٍ تصدر تلوّثاً على طول البحر، معتبرةً أنّ هذا التصرّف يعكس نظرة السلطة للبحر كمساحةٍ لرمي الأوساخ، مع تجاهل انعكاسات ذلك على الثروة البيئيّة. اقتصاديّاً، كشفت قعقور أنّ قلّة قليلة من المستثمرين استحوذت على قُرابة 10 مليار دولار من الأرباح عبر مشاريعٍ تتعدّى على الملك العام البحري، عام 2021، وأنّ 75٪ من أصحاب المنتجعات المتعدّية مقرّبون أو أعضاء من السلطة الحالية.

وفيما أدانت القعقور نهج قَونَنة الفساد، وعدت أنّها ستبذل قصارى جهدها– إلى جانب كتلة النوّاب التغييريين، لدفع تعديلات القانون داخل المجلس النيابي، «بكل صدق وبكل حماس». وذكرت أنّها ستعرض التعديلات على كافة الكتل النيابية علناً ليتحمّل كل نائب مسؤوليته أمام الرأي العام. في هذا السياق، لفت أيّوب إلى أنّ الجمعية جالت على مختلف الكتل النيابية، وطرحت عليها اقتراحَين: تحمّست الكتل النيابية لما يتعلّق باقتراح تنظيم الحرف اليدوية، لكنّها تململت لدى الكلام عن قانون حماية الشاطئ.

وشدّد أيّوب على أنّ فصل الشاطئ عن الناس عبر طرقاتٍ وتصوينات ومشاريع مختلفة ليس فعلاً عبثياً، بل هو نهج تعتمده السلطة لإبعاد الناس عن ملكهم العام ومنعهم من الدفاع عنه، معتبراً أنّ أهالي المناطق ركيزة أساسية لاسترجاع الشاطئ إلى جانب العمل التشريعي داخل المجلس النيابي.

وعليه، اعتبرت القعقور أن قضيّة الدفاع عن الأملاك العامة البحرية كما الأملاك العامة الحرجية قضيّة ترتبط بالعدالة الاجتماعية، وبتوزيع ثروات البلد بشكلٍ عادل بين المُقيمين فيه. وقد شدّدت على دور البلديات في هذا الملف، متمنيّةً خوض المعركة البلدية المقبلة بمشروعٍ تغييري قائم على البرامج والكفاءات والعمل التشاركي واللوائح التي تشمل نساءً ورجالاً وشباباً.

ختاماً، أشارت مداخلات القعقور وأيّوب إلى قضية الحدود البحرية، بما أنّ ندوة «الشط لكل الناس» سبقت وقفةً احتجاجية دعا إليها النوّاب التغييريون قرب شاطئ الناقورة، اعتراضاً على مساومة السلطة في هذا الملف، وباعتبار الخط 29 جزءاً من موارد لبنان ومن حقوق المُقيمين فيه.

يُذكر أنّ حملة «الشط لكل الناس» تضمّ الجمعيات التالية: يوميات البحار، علي صوتك، درب الوفا، اتّحاد اللبنانيين للأشخاص المعوّقين حركياً، حقوق الركاب، المربّع الأخضر، الجنوبيون الخضر، ثورة الملح في أنفة، أكاديميّون ومستقلّون.